ولد توماس ميدجلي جونيور في أيار عام 1889، درس الهندسة الميكانيكية وحصل بها على درجة الدكتواره من جامعة كورنيل عام1916ومن ثم تلقى تدريباً في الكيمياء، وعلى ما يبدو فقد كان يميل لها أكثر ولهذا بدأ عمله بها (ليته لم يفعل).
تصدّى د. ميدجلي لمشكلة الطرق في محركات الاحتراق الداخلي وحاول إيجاد حل لها. تحدث ظاهرة الطرق نتيجة الاشتعال غير المتزامن لجميع مركبات الوقود في نفس الوقت ما يسبب موجات صدمة داخل حجرة الاحتراق، وبالتالي يرفع الضغط على الأسطوانات مسبباً إجهاداً لها مما ينقص من عمر المحرك. بعد بحث دام ست سنوات تمكن د. ميدجلي من حلّ هذه المشكلة بإضافة أحد مركبات الرصاص (تيترا إيثيل الرصاص) إلى الوقود. تم طرح هذا الحل في الأسواق على شكل مادة تضاف للوقود وأطلق عليها اسم "إيثيل" لإبعاد أي صلةٍ له بالرصاص، وتم تسويقه من قبل كبرى شركات السيارات والنفط في الولايات المتحدة الأمريكية. لم تثن الحوادث التي أصابت العمال أثناء إنتاج الإيثيل الشركات عن الترويج له حتى بالرغم من إصابة ميدجلي نفسه بالتسمم بالرصاص.
ويعتبر الرصاص من السموم العصبية وقد أدى استعماله في الإيثيل إلى رفع تركيز الرصاص في الهواء والتربة آلاف المرات عن معدلاته الطبيعية، وقد وجد العلماء توافقاً كبيراً بين ارتفاع معدلات الرصاص في الجو وهبوط معدلات الذكاء وارتفاع معدلات الجريمة عند البشر. تم منع الإيثيل وإضافات الوقود الحاوية على الرصاص كلياً في أغلب دول العالم بحلول عام 2000 إلا أنه سبق ذلك تخفيض كبير لمعدلاتها بداية من سبعينات القرن الماضي.
بعد حل مشكلة الطرق في المحركات "بنجاح" اتجه د.ميدجلي نحو مجال التبريد لحل مشكلة المبردات السامة. فقد سبب حادث تسرب من منشأة تبريد عام 1929 وفاة أكثر من مئة شخص مما جعل ميدجلي مصمماً على إيجاد الحل سريعاً. وبالفعل قام د. ميدجلي بإيجاد الحل بزمنٍ لا يتجاوز الثلاثة أيامٍ حيث استخدم خبرته في الكيمياء بصناعة مركبات جديدة تتميز بخواص ممتازة في نقل الحرارة بالإضافة الى أنها عديمة السمية وهي: الكلوروفلوروكربونات ومن ضمنها الفريون، ونعلم جميعاً الأثرَ المدمر لهذه المواد على غلاف الأوزون وما يتبعه من تعريض سطح الأرض لكميات هائلة من الأشعة فوق البنفسجية الضارّة.
نال توماس ميدجلي العديد من التكريمات والأوسمة خلال حياته حيث أن أغلب الآثار السيئة لمنتجاته إما لم تكن معروفة أو تمت تغطيتها بمعرفة الشركات التي كانت تجني المليارات من ورائها.
كان له العديد من الاكتشافات والاختراعات الأخرى، ولكن آخر اختراعاته الكارثية كانت أداة تساعده على النهوض من السرير بعد إصابته بالشلل عام 1940. كانت هذه الأداة كارثية بامتياز حيث أنها أنهت حياةَ هذا المخترع العظيم (سيّئ الحظ) عندما التفّت حول رقبته وسببت له الاختناق عام 1944.
قد نعتقد بأن ميدجلي سيشعر بندمٍ شديد لو اكتشف ما تسببت به اكتشافاته، ولكنه لم يعش ليعرف ذلك.. فاستحق عن جدارة ما وصفه به المؤرخ البيئي مك نيلز بأنه " الكائن الحي الأكثر تأثيراً على بيئة كوكب الأرض عبر التاريخ".
المصادر:
هنا.
هنا
هنا
0 التعليقات:
إرسال تعليق